المتربصين الأجانب

يسعدني ويشرفني التواجد معكم في هذا اليوم، في هذا الشهر الكريم، شهر رمضان، الذي ارتأينا أن نجتمع على مائدة إفطاره، قصد تعزيز روابط الأخوة والمحبة بيننا. وقد جعلنا هذه المبادرة سنة حميدة في وزارة التكوين والتعليم المهنين.

إننا نجتمع اليوم قناعة شعبا ورئيسا بأن إفريقيا واحدة، وهذا ما أكده السيد رئيس الدولة الجزائرية السيد عبد المجيد تبون من خلال دعوته بصراحة إلى تسريع التكامل الاقتصادي في افريقيا، وهذا من خلال إعلانه في هذا الصدد بقوله: ” قررت ضخ مبلغ مليار دولار لصالح الوكالة الجزائرية للتعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية لتمويل مشاريع تنموية في الدول الإفريقية خاصة مشاريع التكامل أو تلك القادرة على الإسهام في تسريع التنمية”. وكل هذا سعيا منه إلى بناء كتلة اقتصادية أكثر تجانسا تكون قادرة بشكل أفضل على استغلال مواردها الطبيعية بحكمة من أجل مواجهة التغيرات الجيوسياسية التي تساعد حاليا في إعادة رسم خريطة العالم.

إن الرؤية الجديدة للجزائر، في مساعدة البلدان الافريقية على الوصول إلى طريق التنمية المستدامة، وذلك من خلال تسريع تنفيذ “منطقة التجارة الحرة الافريقية” وتحقيق أهداف التكامل القاري الذي يصب في صميم استراتيجية عملها على المستوى الدولي. وانطلاقا من النهج الجزائري في التشديد على عملية تفعيل آليات التضامن الافريقي، الذي لا يمكن بموجبه تحقيق السلام والأمن في افريقيا دون تنمية فعالة. وتأكيدا على الدور الهام لقطاع التكوين والتعليم المهنيين الذي يعد قطاعًا استراتيجيًا معروفًا بكونه ديناميكيًا ويلعب دورًا داعمًا للقطاعات الأخرى بفضل الخدمات التي يقدمها، وضمن الاستراتيجية التنموية للبلاد بهدف تحسين جودة التكوين وتعزيز التعليم التقني والتكنولوجي وربطه بالقطاع الاقتصادي، وهذا من خلال تشجيع التكوين عن طريق التمهين والتكوين المتواصل للعمال وتطوير مجالات أخرى للتكوين تتسم بالامتياز، بالشراكة مع متعاملين اقتصاديين رائدين في مجالات اختصاصاتهم وذات أولوية بالنسبة للاقتصاد الوطني. وكذا من خلال شبكة المؤسسات التكوينية العاملة والتي يقدر عددها 1223 مؤسسة تكوينية، بما فيها المؤسسات الخاصة، والتي تستقبل أكثر من نصف مليون متربص، متمهن وتلميذ، وفق أنماط التكوين الثلاثة المعتمدة (الإقامي والتمهين وعن بعد). كما يحوز القطاع على مدونة للشعب والتخصصات في مجال التكوين المهني تتشكل من 23 شعبة مهنية تضم 497 تخصصا مهنيا قابلة للتحيين والتجديد كلما دعت الحاجة، ويعتمد أيضا على مبدأ الشراكة مع مختلف القطاعات، من خلال إبرام اتفاقيات شراكة تلبي احتياجات هذه القطاعات من التكوينات اللازمة.

ومن اجل توسيع وبناء قدرات شبكة مؤسسات القطاع  تم تسخير كل الجهود اللازمة من طرف الدولة الجزائرية خصوصا لتطوير النظام الافريقي في مجال التكوين والتعليم المهنيين، وهذا بضمان اكتساب المتكونين والمتعلمين الإفريقيين المهارات الضرورية اللازمة، خاصة في ظل التحديات التي تفرضها التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال، مركزين على أهمية “إدخال آليات ضمان الجودة وجلب التمويل وتوفير بيانات دقيقة حول سوق العمل ودور البحث العلمي في تطوير قطاع التكوين والتعليم المهنيين في افريقيا، فضلا عن دراسة مسألة استشراف مهن المستقبل”.

إن التعاون الافريقي في قطاع التكوين والتعليم المهنيين يهدف الى تنمية تبادل الخبرات والمعلومات والتجارب في مجال التكوين والتعليم المهنيين ووضع الوسائل الكفيلة بدعم هذا التعاون والنهوض بالقطاع في افريقيا، والذي يشمل عدة مجالات منها: التكوين في التخصصات التي تهم الجانبين، هندسة التكوين وتكوين المكونين؛ التكوين المستمر والتكوين عن بعد، وكذا تطبيق مواصفات الجودة في تسيير مؤسسات التكوين المهني.

دأبت وزارة التكوين والتعليم المهنيين على تنويع مجالات التعاون مع أشقائها الأفارقة في مجال التكوين والتعليم المهنيين، ومن بين محاور التعاون وأهمها منح التكوين، وقد بلغت الحصة السنوية من المنح عدد 500 منحة، وهو رقم معتبر نسبيا وذلك منذ سنة 2023، وقد تم ذلك بتمكين المتربصين الأشقاء بالولوج الى التكوين في دورتين في السنة، دورة فيفري ودورة سبتمبر.

أبنائي بناتي المتربصات، لقد سبق أن استقبلنا في جلسة يوم 30 نوفمبر 2023 زملائكم ممن التحقوا في دورة سبتمبر، وها نحن نستقبل اليوم 139 متربص ومتربصة جديدة، متمنيا لكم التوفيق في مساركم التكويني راجين من الله عز وجل أن ينير طريقكم في سبيل خدمة بلدكم. نجتمع الليلة في باقة موحدة غنية بثقافاتها المتنوعة ل 23 دولة إفريقية وعربية يمثلها 393 متربص ومتربصة يحضر منهم ما يقارب 193وكلنا أمل في الاتحاد من أجل إفريقي متكامل.

إن الجزائر فتحت جل مؤسساتها لاستقبال شباب مستقبل إفريقيا، حيث ما لا يقل عن 80 معهد وطني متخصص في التكوين المهني منتشرين عبر التراب الوطني يشاركون في هذا المجال من التعاون، في 16 شعبة و 66 تخصص، و يتم التوجيه للتخصصات حسب احتياجات هذه الدول الشقيقة و رغبات أبنائنا وبناتنا، و يجدر الذكر بأن كل الاختصاصات مفتوحة لأشقائنا الأفارقة و العرب دون تمييز مع أشقائهم الجزائريين. وقد شهدت دورة فيفري 2024 ولوج متربصين من دول جديدة لم يسبق لها الاستفادة من المنح وهي زامبيا، جنوب السودان وكينيا، وتتم مباشرة التكوين لهذه الفئة لأول مرة باللغة الإنجليزية.

إن التعاون جنوب-جنوب في مجال التكوين المهني لا يشمل فقط المنح التكوينية، بل يتعدى ذلك الى المرافقة في بناء أنظمة التكوين، تكوين المكونين، التبادل في البرامج، والدعم في الهياكل كما تم ذلك عبر بناء مؤسسات في دول شقيقة، وتتابع الجزائر بذل جهدا كبيرا لبناء مؤسسات أخرى في دول أخرى لا سيما دول الساحل والجمهورية العربية الصحراوية.

بناتي أبنائي آفاق كبيرة تنتظرنا، إن شعار الاتحاد الافريقي هذه السنة هو التعليم، ولهذا تعتزم الجزائر تنظيم مؤتمر إفريقي في مجال التكوين المهني، وهو الذي سيكون بمثابة انطلاقة متجددة لعمل أكبر في هذا المجال الحيوي.